كثرة المساجد وسوء استغلالها
يتساءل بعض الإخوة الأفاضل عن الجدوى من توجه المحسنين - في العالم الإسلامي - كثيرا نحو بناء المساجد. وبالتالي عن الإنفاق عليها بدون إقامة أي اعتبار للمال ولأهميته في خدمة المجتمع. من خلال استثماره في أشياء أخرى مفيدة لدولنا الإسلامية أكثر من المساجد. وخاصة إذا تعلق الأمر بدول تعاني من الهشاشة الاجتماعية، والفقر العلمي والثقافي ونقص خطير في المنشآت الصحية. هذا النقص الذي يدفع الشعب العربي ثمنه من صحته وعقله في حاضره ومستقبله.
هذا التساءل يبقى مشروعا لكن ليس على إطلاقه. فالمساجد مهما كثرت فالناس في حاجة إلى الزيادة في أعدادها. بغض النظر عن كونها صغيرة أو كبيرة. فلو تم استغلالها بشكل عقلاني لعادت على الناس بالنفع والإفادة، عوض أن تبقى موصدة. ولا تفتح إلا في فترات متقطعة لا تتعدى نصف ساعة لخمسة أوقات في اليوم والليلة !!
فمثلا، إذا انطلقنا من وطننا المغرب الذي تكثر فيه المساجد وتنتشر في كل مكان، وعدنا إلى الأسباب الأولى التي جعلت الناس يقبلون على بنائها، ويقدمونها على كل عمل آخر. لأدركنا دورها الحقيقي وأهميتها التنموية للأفراد والمجتمعات، بل ولأدركنا أيضا دورها الاقتصادي الريادي الذي لم تكن تتواني في القيام به.
أدوار المساجد عند أسلافنا
إن المساجد وانطلاقا مما عرفنا في مجتمعنا لم تكن لإقامة الصلاة وحدها. بل كانت عبارة عن مؤسسات تعليمية متنوعة. كان يتعلم فيها المسلم أمور دينه ودنياه. بل ويتعلم فيها حتى بعض الصنائع والمهن الشريفة التي لا يستغني الناس عنها بغيرها. بالتالي، فقد شكلت بذلك مؤسسات تعليمية وتدريبية على المهن في الآن ذاته. وقد يتساءل متساءل كيف لمسجد أو جامع أن يقوم بدور المؤسسات التعليمية المتنوعة؟ وهذا تساءل مشروع يمكن الجواب عليه من خلال ما يلي:
الأدوار
- إن أغلب القرى سواء في القديم أو الآن، ورغم صغرها تضم عدة مساجد في القرية الواحدة. بحيث لا يتعدى في بعض الأحيان بضع أسر في المسجد، وقد لا يتجاوز سكان القرية مائة كانون (أسرة)، ومع ذلك تجد عندهم أكثر من ثلاثة أو أربعة مساجد!! لكن هل بنيت هذه المساجد للصلاة فقط والحال أن مسجدا واحدا يكفي لصلاتهم كلهم؟
- إن المساجد كانت عند سلفنا فرصة للتعليم ومكانا للصلاة. كذلك، المساجد الصغرى كانت بمثابة المدارس الابتدائية اليوم، بحيث يتم فيها تدريس كل أبناء القرية، أو القرى المجاورة إلى مرحلة حفظ القرآن الكريم. ثم ينتقلون إلى مسجد آخر لضبط حفظه عن شيخ آخر، ثم ينتقل إلى غيره لضبط حفظه وقواعد رسمه… وكل هذا يتم في المساجد ولم يصل بعد لمستوى انتقاله إلى مدرسة علمية يمكنه فيها تعلم العلوم بطريقة أكثر تقدما. بل يكتفي في مرحلة المساجد في أغلب الأحوال على المعارف الأساسية وحفظ النصوص، وأهمها القرآن الكريم. ثم ينتقل الطالب بعد ذلك إلى مسجد أكبر ليحفظ على يدي شيخه بعض المتون العلمية من قبيل الآجرومية وألفية ابن مالك ومتن ابن عاشر في الفقه وغيره… وتكون هذه المرحلة بمثابة المرحلة الإعدادية عندنا اليوم، والتي ستؤهله بدورها إلى مرحلة ثانوية في المدارس العلمية العتيقة.
- إن المساجد كانت عند أسلافنا مشتلا لصناع تقليديين محترفين ومبتكرين في بعض الصنائع المناسبة لحرمة المسجد كالخياطة والتفصيل مثلا. لذلك، قلما تجد إماما أو شيخا في مسجد لا يكون متقنا للخياطة محيطا بكل جوانبها. خاصة إذا علمنا أن معيشة القًيِّمِ على المسجد كانت تعتمد على بعض تبرعات الناس. كما تعتمد على إتقانه لمهنة الخياطة التي كان يمارسها بشكل يومي ورسمي طول فترة تواجده بالمسجد. فهو يُدَرِّسُ ويحَفِّظُ ويخيط في الوقت ذاته، والطلبة يدرسون ويتعلمون مهنة شريفة تقيهم صروف الزمان وتحولاته. فلا يكمل أغلب الطلاب حفظ القرآن وبعض المتون إلا وكانوا قد تعلموا مهنة تنفعهم مع العلم الذي تزودوا به. وبالتالي، يكون الطالب متعلما ومنتجا وليس عالة على غيره كما هو الأمر اليوم.
الخلاصة
فهكذا إذاً كانت المساجد، ولأسباب واضحة أهمها التعليم والمنافسة فيه كانت كثرتها. وبالتالي يكون بناء المسجد أكثر منفعة من غيره من وجوه الإحسان، فلا نبخس الناس أشياءهم.
هذا عن الأمس، فماذا عن اليوم؟
الاستفادة القصوى من للمساجد رهينة بحسن استغلالها
قد يقول قائل إن المساجد عشرات الآلاف، وإن المدراس قد تكون أقل منها بكثير. ونحن اليوم في حاجة إلى المدارس أكثر من حاجتنا إلى المساجد. فقد أتفق مع جزء من هذا الرأي إلا أن الكلية تبطله، وبالتجزيء يقبل.
إن المشكل اليوم ليس في كثرة المساجد ولا في عظمتها. كما أنه ليس فيمن سخت نفسه بماله ليتبرع به لبناء مسجد كبير. بل المشكل في الكيفية التي يمكن التعامل بها مع هذا الإحسان. وفي الطريقة التي يمكن من خلالها استثمار هذه المساجد لتحقق أكبر نفع ممكن للفرد والمجتمع.
إن حسن استغلال المساجد هو الفيصل الوحيد في تحديد جدوى التبرع لصالح بناء المساجد والإكثار منها، إقامة للدين، وإحياء لشعيرة الصلاة والتواصل بين المؤمنين، ونفعا لسائر المسلمين في أمور دينهم ودنياهم، لكن كيف يتم هذا؟
- حتى تكون جدوى من بناء المساجد لا بد من مواصلة فتحها طول اليوم وجزءا من الليل.
- يجب على الدولة أن تنظم استغلالها لمنفعة الناس بقوانين واضحة. كما ينبغي أن تجعل من المسجد مؤسسة عمومية ذات نفع عام عوض أن تبقى مخصصة للصلاة فقط.
- اعتبار المسجد مدرسة معترفا بها وتصدر شهادة معتمدة في التخصصات التي تسند إليها.
- اعتبار المساجد الكبرى بمثابة الثانويات أو حتى الجامعات في تخصصات معينة بشواهد معتمدة أكاديميا.
- اعتبار كل مسجد في القرى النائية مدرسة لتلك القرية خصوصا إذا كانت القرية لا تتوفر على عدد كبير من التلاميذ يمكن من خلاله بناء مدرسة لهم.
- اعتبار ملحقاتها بمثابة المراكز التكوينية في المهن التي تناسب المقام، وذلك في أوقات مناسبة.
- تزويد كل المساجد الكبرى بمكتبات مفتوحة بشكل مستمر في وجه طالبي المعرفة.
- نشر الفكر الإسلامي الوسطي وتبني خطة للرفع من مستوى وعي الناس بأمور دينهم ودنياهم.
ترشيد الإنفاق على بناء المساجد كيفا لا كما
وفيما يتعلق بالأموال المرصودة لبناء المساجد، فمن الممكن التحكم فيها وترشيد إنفاقها. فإذا كان مسجد واحد يكلف ملايين الدراهم حتى يخرج لنا في أحسن حلة من الزخرفة والجمال. فإنه يمكن منع هذه الزخرة المكلفة والاكتفاء بالأمور الأساسية التي لا غنى عنها. كذلك توفير أموال الزخرفة الباهضة إما لبناء مؤسسة جديدة أو لتزويد ذلك المسجد بمقومات النجاح كمؤسسة دينية علمية، من مكتبات وتجهيزات ضرورية. كما ينبغي استثمار الباقي في مشروع يمكن من خلال جعل مؤسسة المسجد مستقلة ماليا ولو جزئيا عن الدولة. ففي بعض الأحيان قد تكلف الكماليات ميزاينة تكفي لبناء عدة مؤسسات، وبالتالي يضيع أموال في أمور لا فادة ترجى منها.
وأما من يرى أن المساجد لا بد لها أن تُعَظَّمَ من خلال إتقان نقوشها وضبط زخرفتها. فنقول لهم أن تعظيمها بتعميرها وإحياء دورها الفعال والنافع للمسلمين. وإن كان ولا بد من الزخرفة فلتكن في أكبرها المدينة حفاظا على بقاء الصنعة ولتكن باقي المساجد وظيفية لا منتجعا سياحيا.
الخلاصة
إذاً، ومن خلال ما سبق يتبين لنا أن المسجد ليس مسألة ثانوية في الوجود. بل إن استغلاله هو الذي يحدد موقعه، ولا يمكن أن يكون ثانويا بعد المدرسة والمستشفى. بل يجب أن يكون جنبا إلى جنب مع المدرسة والمستشفى لدوره الخطير والأساسي إذا تم تفعيله بشكل صحي وصحيح. فهو مدرسة كاملة إن استُغِلَّ، ومستشفى للقلوب المريضة إذا وجد من يوجهه لخدمة ذلك.
وبالتالي، فالمشكل مشكل استثماره لا مشكل بنائه.
كثرة المساجد وسوء استغلالها
يتساءل بعض الإخوة الأفاضل عن الجدوى من توجه المحسنين - في العالم الإسلامي - كثيرا نحو بناء المساجد. وبالتالي عن الإنفاق عليها بدون إقامة أي اعتبار للمال ولأهميته في خدمة المجتمع. من خلال استثماره في أشياء أخرى مفيدة لدولنا الإسلامية أكثر من المساجد. وخاصة إذا تعلق الأمر بدول تعاني من الهشاشة الاجتماعية، والفقر العلمي والثقافي ونقص خطير في المنشآت الصحية. هذا النقص الذي يدفع الشعب العربي ثمنه من صحته وعقله في حاضره ومستقبله.
هذا التساءل يبقى مشروعا لكن ليس على إطلاقه. فالمساجد مهما كثرت فالناس في حاجة إلى الزيادة في أعدادها. بغض النظر عن كونها صغيرة أو كبيرة. فلو تم استغلالها بشكل عقلاني لعادت على الناس بالنفع والإفادة، عوض أن تبقى موصدة. ولا تفتح إلا في فترات متقطعة لا تتعدى نصف ساعة لخمسة أوقات في اليوم والليلة !!
فمثلا، إذا انطلقنا من وطننا المغرب الذي تكثر فيه المساجد وتنتشر في كل مكان، وعدنا إلى الأسباب الأولى التي جعلت الناس يقبلون على بنائها، ويقدمونها على كل عمل آخر. لأدركنا دورها الحقيقي وأهميتها التنموية للأفراد والمجتمعات، بل ولأدركنا أيضا دورها الاقتصادي الريادي الذي لم تكن تتواني في القيام به.
أدوار المساجد عند أسلافنا
إن المساجد وانطلاقا مما عرفنا في مجتمعنا لم تكن لإقامة الصلاة وحدها. بل كانت عبارة عن مؤسسات تعليمية متنوعة. كان يتعلم فيها المسلم أمور دينه ودنياه. بل ويتعلم فيها حتى بعض الصنائع والمهن الشريفة التي لا يستغني الناس عنها بغيرها. بالتالي، فقد شكلت بذلك مؤسسات تعليمية وتدريبية على المهن في الآن ذاته. وقد يتساءل متساءل كيف لمسجد أو جامع أن يقوم بدور المؤسسات التعليمية المتنوعة؟ وهذا تساءل مشروع يمكن الجواب عليه من خلال ما يلي:
الأدوار
- إن أغلب القرى سواء في القديم أو الآن، ورغم صغرها تضم عدة مساجد في القرية الواحدة. بحيث لا يتعدى في بعض الأحيان بضع أسر في المسجد، وقد لا يتجاوز سكان القرية مائة كانون (أسرة)، ومع ذلك تجد عندهم أكثر من ثلاثة أو أربعة مساجد!! لكن هل بنيت هذه المساجد للصلاة فقط والحال أن مسجدا واحدا يكفي لصلاتهم كلهم؟
- إن المساجد كانت عند سلفنا فرصة للتعليم ومكانا للصلاة. كذلك، المساجد الصغرى كانت بمثابة المدارس الابتدائية اليوم، بحيث يتم فيها تدريس كل أبناء القرية، أو القرى المجاورة إلى مرحلة حفظ القرآن الكريم. ثم ينتقلون إلى مسجد آخر لضبط حفظه عن شيخ آخر، ثم ينتقل إلى غيره لضبط حفظه وقواعد رسمه… وكل هذا يتم في المساجد ولم يصل بعد لمستوى انتقاله إلى مدرسة علمية يمكنه فيها تعلم العلوم بطريقة أكثر تقدما. بل يكتفي في مرحلة المساجد في أغلب الأحوال على المعارف الأساسية وحفظ النصوص، وأهمها القرآن الكريم. ثم ينتقل الطالب بعد ذلك إلى مسجد أكبر ليحفظ على يدي شيخه بعض المتون العلمية من قبيل الآجرومية وألفية ابن مالك ومتن ابن عاشر في الفقه وغيره… وتكون هذه المرحلة بمثابة المرحلة الإعدادية عندنا اليوم، والتي ستؤهله بدورها إلى مرحلة ثانوية في المدارس العلمية العتيقة.
- إن المساجد كانت عند أسلافنا مشتلا لصناع تقليديين محترفين ومبتكرين في بعض الصنائع المناسبة لحرمة المسجد كالخياطة والتفصيل مثلا. لذلك، قلما تجد إماما أو شيخا في مسجد لا يكون متقنا للخياطة محيطا بكل جوانبها. خاصة إذا علمنا أن معيشة القًيِّمِ على المسجد كانت تعتمد على بعض تبرعات الناس. كما تعتمد على إتقانه لمهنة الخياطة التي كان يمارسها بشكل يومي ورسمي طول فترة تواجده بالمسجد. فهو يُدَرِّسُ ويحَفِّظُ ويخيط في الوقت ذاته، والطلبة يدرسون ويتعلمون مهنة شريفة تقيهم صروف الزمان وتحولاته. فلا يكمل أغلب الطلاب حفظ القرآن وبعض المتون إلا وكانوا قد تعلموا مهنة تنفعهم مع العلم الذي تزودوا به. وبالتالي، يكون الطالب متعلما ومنتجا وليس عالة على غيره كما هو الأمر اليوم.
الخلاصة
فهكذا إذاً كانت المساجد، ولأسباب واضحة أهمها التعليم والمنافسة فيه كانت كثرتها. وبالتالي يكون بناء المسجد أكثر منفعة من غيره من وجوه الإحسان، فلا نبخس الناس أشياءهم.
هذا عن الأمس، فماذا عن اليوم؟
الاستفادة القصوى من للمساجد رهينة بحسن استغلالها
قد يقول قائل إن المساجد عشرات الآلاف، وإن المدراس قد تكون أقل منها بكثير. ونحن اليوم في حاجة إلى المدارس أكثر من حاجتنا إلى المساجد. فقد أتفق مع جزء من هذا الرأي إلا أن الكلية تبطله، وبالتجزيء يقبل.
إن المشكل اليوم ليس في كثرة المساجد ولا في عظمتها. كما أنه ليس فيمن سخت نفسه بماله ليتبرع به لبناء مسجد كبير. بل المشكل في الكيفية التي يمكن التعامل بها مع هذا الإحسان. وفي الطريقة التي يمكن من خلالها استثمار هذه المساجد لتحقق أكبر نفع ممكن للفرد والمجتمع.
إن حسن استغلال المساجد هو الفيصل الوحيد في تحديد جدوى التبرع لصالح بناء المساجد والإكثار منها، إقامة للدين، وإحياء لشعيرة الصلاة والتواصل بين المؤمنين، ونفعا لسائر المسلمين في أمور دينهم ودنياهم، لكن كيف يتم هذا؟
- حتى تكون جدوى من بناء المساجد لا بد من مواصلة فتحها طول اليوم وجزءا من الليل.
- يجب على الدولة أن تنظم استغلالها لمنفعة الناس بقوانين واضحة. كما ينبغي أن تجعل من المسجد مؤسسة عمومية ذات نفع عام عوض أن تبقى مخصصة للصلاة فقط.
- اعتبار المسجد مدرسة معترفا بها وتصدر شهادة معتمدة في التخصصات التي تسند إليها.
- اعتبار المساجد الكبرى بمثابة الثانويات أو حتى الجامعات في تخصصات معينة بشواهد معتمدة أكاديميا.
- اعتبار كل مسجد في القرى النائية مدرسة لتلك القرية خصوصا إذا كانت القرية لا تتوفر على عدد كبير من التلاميذ يمكن من خلاله بناء مدرسة لهم.
- اعتبار ملحقاتها بمثابة المراكز التكوينية في المهن التي تناسب المقام، وذلك في أوقات مناسبة.
- تزويد كل المساجد الكبرى بمكتبات مفتوحة بشكل مستمر في وجه طالبي المعرفة.
- نشر الفكر الإسلامي الوسطي وتبني خطة للرفع من مستوى وعي الناس بأمور دينهم ودنياهم.
ترشيد الإنفاق على بناء المساجد كيفا لا كما
وفيما يتعلق بالأموال المرصودة لبناء المساجد، فمن الممكن التحكم فيها وترشيد إنفاقها. فإذا كان مسجد واحد يكلف ملايين الدراهم حتى يخرج لنا في أحسن حلة من الزخرفة والجمال. فإنه يمكن منع هذه الزخرة المكلفة والاكتفاء بالأمور الأساسية التي لا غنى عنها. كذلك توفير أموال الزخرفة الباهضة إما لبناء مؤسسة جديدة أو لتزويد ذلك المسجد بمقومات النجاح كمؤسسة دينية علمية، من مكتبات وتجهيزات ضرورية. كما ينبغي استثمار الباقي في مشروع يمكن من خلال جعل مؤسسة المسجد مستقلة ماليا ولو جزئيا عن الدولة. ففي بعض الأحيان قد تكلف الكماليات ميزاينة تكفي لبناء عدة مؤسسات، وبالتالي يضيع أموال في أمور لا فادة ترجى منها.
وأما من يرى أن المساجد لا بد لها أن تُعَظَّمَ من خلال إتقان نقوشها وضبط زخرفتها. فنقول لهم أن تعظيمها بتعميرها وإحياء دورها الفعال والنافع للمسلمين. وإن كان ولا بد من الزخرفة فلتكن في أكبرها المدينة حفاظا على بقاء الصنعة ولتكن باقي المساجد وظيفية لا منتجعا سياحيا.
الخلاصة
إذاً، ومن خلال ما سبق يتبين لنا أن المسجد ليس مسألة ثانوية في الوجود. بل إن استغلاله هو الذي يحدد موقعه، ولا يمكن أن يكون ثانويا بعد المدرسة والمستشفى. بل يجب أن يكون جنبا إلى جنب مع المدرسة والمستشفى لدوره الخطير والأساسي إذا تم تفعيله بشكل صحي وصحيح. فهو مدرسة كاملة إن استُغِلَّ، ومستشفى للقلوب المريضة إذا وجد من يوجهه لخدمة ذلك.
وبالتالي، فالمشكل مشكل استثماره لا مشكل بنائه.